القائمة الرئيسية

الصفحات

المزاج المتأرجح بين قطبين..اضطراب ثنائي القطب "Bipolar disorder"

المزاج المتأرجح بين قطبين..اضطراب ثنائي القطب

صورة مقرّبة لحياة سارة

"سارة" فتاة في السابعة والعشرين من عمرها، متزوجة وتعمل كممرضة في إحدى المستشفيات، حين بدأت تشعر بالتعب الشديد والفتور قامت بزيارة طبيب العيادة في منطقتها، لتبدأ حكايتها الطويلة من هنا. في زياراتها المتكررة للعيادة فيما بعد بدأت سارة تخبر طبيبها بأنها تعاني من أعراض مختلفة منذ ما يقارب الشهر، أخبرته عن عدم رغبتها بفعل أي شيء في يومها، حتى الأشياء التي كانت محببة لها يوما لم تعد تشعر بالرغبة بفعلها، لديها مشكلة دائمة مع النوم فهي تعاني من الأرق كل ليلة قبل أن تقع في النوم لبضع ساعات معدودة لا تتجاوز الثلاث إلى أربع ساعات كل ليلة، قد فقدت شهيتها للطعام وتقلصت طاقتها إلى حد لا يحتمل، تراجعت مستويات التركيز لديها حتى أثناء عملها فبدأ الأمر يسوء أكثر مع أخطائها المتكررة وتحذيرات رب العمل لها كل يوم.
المزاج المتأرجح بين قطبين..اضطراب ثنائي القطب "Bipolar disorder"

نوبة الاكتئاب "Depressive episode"

بعد عمل كل الفحوصات والتحاليل اللازمة لاستثناء جميع الأمراض الجسدية، حملت "سارة" تشخيص مرض الاكتئاب على كتفيها، فقرر طبيب العيادة تحويلها إلى طبيب مختص بالطب النفسي، بعد مزيد من الإجراءات لدى الطبيب النفسي قرر الطبيب أولا مساعدة سارة في مسألة الأرق واصفا لها دواء يساعدها على النوم، على أن تعيد زيارتها له بعد أسبوع لتكمل مسار العلاج.

نوبة هوس وتنظيف لسطح المنزل طيلة الليل "Manic episode"

لم تعد سارة لطبيبها النفسي في موعدها المقرر، بل عادت بعد شهرين برفقة زوجها الذي استنجد بالطبيب لإنقاذها مما آلت إليه الأمور، فما زالت زوجته مستيقظة منذ عدة ليال متتالية، وبالرغم من ذلك لا تشعر بأي ذرة من التعب بل تشعر بمزاج مرتفع، ولديها طاقة ونشاط يجعلها تصعد كل ليلة لتنظف سطح المنزل طوال الليل. وفي الليلة التي سبقت زيارتهما للطبيب كانت قد أخبرت زوجها بأنها تصعد كل ليلة إلى سطح المنزل لأن لديها "موعد ثابت مع الله ليتناقش معها عن دورها المهم في إنقاذ العالم" ... أغلق الستار!

الاضطراب ثنائي القطب "Bipolar disorder"

هو اضطراب مستمر للحالة المزاجية، يتأرجح فيه المريض بين قطبين فتارة يعاني المريض من أعراض نوبة اكتئاب "Depressive episode" لفترة زمنية وتارة أخرى يعاني من أعراض نوبة هوس "Manic episode" أو نوبة هوس خفيف "Hypomanic episode" لفترة من الزمن. وما بين هذه النوبات يشعر المريض بتحسن و يحيا حياة طبيعية.

أنواع الاضطراب ثنائي القطب

للاضطراب ثنائي القطب أنواع عديدة ومختلفة وأشهرها نوعان:

الاضطراب ثنائي القطب النوع الأول "Bipolar disorder type 1"، ويتأرجح فيه المريض بين نوبات الاكتئاب "Depressive episode" ونوبات الهوس "Manic episode".


الاضطراب ثنائي القطب النوع الثاني"2Bipolar disorder type " ويعاني فيه المريض من نوبات اكتئاب "Depressive episode" ونوبات هوس خفيف "Hypomanic episode".

بماذا يشعر المريض أثناء نوبة الاكتئاب؟

يشعر المريض بأعراض عديدة أثناء نوبة الاكتئاب، فغالبا ما يشعر بحزن عميق يفقده الرغبة بفعل الأشياء التي كانت يوما ما محببة له، ويشعر بثقل الأيام وعبء المهمات. ومن الأعراض الشائعة أيضا: التوتر، الإحساس العميق بالذنب والندم وجلد الذات، عدم القدرة على التركيز، الأرق واليأس والتردد، تأثر الشهية والوزن، التفكير المُجهِد بالموت.

بماذا يشعر المريض أثناء نوبة الهوس؟

هناك أعراض عديدة تميز نوبة الهوس، غالبا ما يشعر المريض بطاقة عارمة ونشاط متّقد يفقده الرغبة بالنوم، ويشعر أيضا بثقة بالنفس عالية تولّد لديه شعور بضرورة عمل مهمات كبيرة كأن يقوم المريض بصرف مبالغ طائلة في مشاريع خاسرة دون تفكير فيؤذي نفسه ويؤذي من حوله، وهذا ما يجعل المريض يشعر بخلل كبير وندم شديد على ما قد فعله أو تكلم به بعد زوال أعراض النوبة، إلى جانب آخر قد تبدو على المريض أيضا بعض أعراض الجنون Psychosis مثل الوُهام Delusions.

بماذا يشعر المريض أثناء نوبة الهوس الخفيف؟

نوبة الهوس الخفيف تشبه في بعض أعراضها نوبة الهوس ولكنها أخف من حيث الأضرار التي تخلفها النوبة، ومن حيث عدد أيام النوبة فتكون أقصر، وكذلك عدم وجود أعراض للجنون في نوبة الهوس الخفيف.

تشخيص سارة

لقد بدأت أعراض سارة بنوبة اكتئاب تبعتها نوبة هوس، وهذا ما جعل الأطباء يغيرون تشخيص سارة من مرض الاكتئاب إلى اضطراب ثنائي القطب النوع الأول، وقد تتأخر نوبة الهوس أو نوبة الهوس الخفيف التي تتبع نوبة الاكتئاب -في حالات اضطراب ثنائي القطب -لسنوات عديدة فيتأخر تشخيص المرض أيضا. وتشخيص المريض بمرض ثنائي القطب النوع الأول يحتاج رعاية طبية نفسية مستمرة إلى جانب الالتزام بالأدوية الخاصة لعلاج الاضطراب حسب إرشادات الطبيب النفسي. وقد يحتاج مرضى النوع الأول إلى المكوث في المشفى أيضا لبعض الوقت خاصة مع ظهور بعض أعراض الجنون والانفصال عن الواقع.
غالبا ما يتم تشخيص مرضى الاضطراب ثنائي القطب بين الأعمار 15 إلى 25 عاما وتلعب العوامل الوراثية دور هام بنسبة 80% في هذا المرض. ومن المهم أن نعرف بأن النوع الثاني من اضطراب ثنائي القطب قد يتحول يوما ما إلى النوع الأول وليس العكس.

المراجع

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات